لم يكن الله سبحانه و تعالى لينزل وحيا من فوق السبع الطباق لو لم يكن للقضية عبرة و للكلمة مغزى و للقصة بقية و للكلام موعظة و للمضمون جوهر هكذا علمنا الخالق أن الصبر هو المفتاح في الدنيا و الآخرة و لا يمكن للإنسان أن يقارع الحياة و ما فيها من إبتلاءات إلا من خلال هذه القيمة العظيمة و التي هي عبارة عن كنز من كنوز الحياة.
لماذا يأمرنا الله عز و جل بالصبر !
ذكر الله الصبر في مواطن عديدة في القرآن كما قد ذكر هذه المفردة عشرات المرات و هذا هو دليل على قيمة و منزلة الصبر في هذه الحياة فهو الكنز الذي يفنى و الذي يجب على الإنسان أن يجده في هذه الحياة القصيرة على الصابرين و الطويلة و المملة على أولئك الذين لا يعرفون معنى الصبر.
إن الحياة هي عبارة عن مجموعة من الإمتحانات و الإبتلاءات التي لا بد لإبن آدم أن يمر بها و أن يقع في فخها أو يتجاوزها و هكذا تتم العملية فمن خلال صبر الإنسان و مقارعته لنسق الأحداث المتغير و المتبدل يستطيع مجاراة هذا النسق المجهول.
لقد أمرنا الله بالصبر لأنه لا سبيل في هذه الحياة من دونه فها نحن ذا نعيش كل مشاعر الحياة و أحاسيسها المختلفة من حلو الحياة و مره من إيجابيات الحياة و سلبياتها و أشياء كثيرة نعيشها هي لا تتوقف و لكن من خلال شيئ من صبر يحاول الإنسان المضي قدما في درب الحياة الفانية و التي قد لا تستحق أكثر من مكانتها، إن الله يبين و يوضح لنا طريق الحياة المتشعب و الذي لا يخلو أبدا من مصاعب و مشاكل و هموم و أحزان لا أحد لديه سد منيع حول هذه الأشياء فهي مولودة معه و مكتوبة في صفحات كتابه و لن تمحى إلا بموته.
يبين لنا الخالق أن الصبر مفتاح كل الأبواب فهو سبيل المؤمن و طريق الجاد و أمل الصالح و غد الموقن، مثلما كان يقال الصبر مفتاح الفرج و ليس هناك أي فرج في هذه الحياة من دون صبر هكذا يبين الله لنا عز و جل قيمة الصبر و أهميتها ففي كتابه العظيم يؤكد سبحانه و تعالى أن ليس للإنسان طريق من دون شقاء إلا من الصبر و من هنا تظهر درجة صبر الإنسان من شخص لآخر.
يقول الله عز و جل في آية من آياته، و إصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي، يدعو في هذه الآية الله عز و جل نبيه صلى الله عليه و سلم و من بعده كل البشر إلى أن يعينو أنفسهم بالصبر لأن النفس الصابرة هي الوحيدة القادرة على تحمل مشاق و هموم و كدر الحياة الذي قد لا تتحمله أنفس كثيرة لا تملك أي صبر.
إن الصبر هو بالذات تلك النعمة التي أعطاها الله للإنسان كي يستطيع العيش و تحمل مشاق الحياة التي لا تنتهي.
هل يمكن للإنسان التخلي عن الصبر ؟
كل لحظة تمر على إبن آدم تمر و لها أفراحها و أحزانها، آلامها و آمالها، أفكارها و أحلامها و هكذا فإن لكل لحظة هناك صبر بأنواع مختلفة و متغيرة و كل إنسان يملك قيما تختلف عن الآخر و كذلك درجات الصبر هي مختلقة بين كل الناس لذلك هناك من يبحث عن الصبر فلا يجد أحدهما الآخر و يعيش هذا المسكين و قد كان الشقاء حليفه و هو لا يستطيع و لن يستطيع من دون صبر أن يعيش و كيف يعيش و ليس هناك المساعد الأول و مصدر القوة النفسية الذي يمكن الإنسان من أن يكون أقوى تجاه أي مشكلة يتعرض لها.
إنه إنسان ضعيف و كيف لا يكون كذلك و هو الذي لا يمكنه أن يستعين بشيئ من صبر يعينه و يساعده على الحياة الصعبة.
في النهاية إذا تخلى الإنسان على مبدأ الصبر فهو يتخلى عن حياته كلها تلك الحياة التي ليس له فيها إلا أن يصبر حتى يستطيع الإستمرارية و المواصلة في حياة خلقنا الله فيها ليمتحننا و يختبرنا كما يختبر صبرنا.
إنما الصبر عند الصدمة الأولى
هكذا يعلمنا الله من فوق سبع سماواة و يكمل نبيه محمد صلى الله عليه و سلم تعريفنا تلك القيمة الثابتة في الحياة ألا و هي الصبر فلطالما عرف الإنسان الإنسان أنه من دون هذه القيمة لن يستطيع تحمل مشاق الحياة الصعبة و همومها التي لا تنتهي و التي لئن دلت على شيئ فهي تدل على تعرض الإنسان لكل إبتلاءات و محن الحياة التي لا تنتهي و التي ليس بمقدور أي إنسان الصبر عليها، إنها حياة تستوجب منا التفكر و التدبر في أسباب كل هذا و لماذا كل هذه الإمتحانات و المشاكل التي تعيش معه منذ البدء و حتى الفناء.
يقول الرسول محمد صلى الله عليه و سلم في بعض أحاديثه إنما الصبر عند الصدمة الأولى أي أن الإنسان و ما يمر به من أزمات ليس لها حصر في هذه الحياة صبره الأول في تلك اللحظة الأولى هو قمة الصبر و هو الجزاء الأوفى عند الله عز و جل لذلك يوضح هنا النبي المصطفى أعظم القيم التي يجب على الإنسان التمسك بها و التي يستطيع من خلالها أن يكسب رضاء نفسه و رضاء خالقه في وقت واحد أما عكس ذلك فهو خسران كل شيئ لا محالة.
الصبر مفتاح الفرج ؟
كل محنة تمر و يعيشها إبن آدم يتعلم من خلالها أشياء جديدة حول معنى الصبر و هل هو إنسان صابر في هذه الحياة أم لا حيث يستطيع بعد ذلك أن يقيم نفسه و يعرف سر قوته و سر ضعفه و ماذا سوف يفعل ليحسن من آدائه و يقوي من عزيمته لكن أشخاص آخرين لا يفهمون طبيعة الحياة و العبرة من الخلق لذلك تجدهم يسقطون سقوطا مهلكا منذ الوهلة الأولى فيبحثون عن خيارهم المفضل و هو خيار الهروب إلى الأمام حتى لو كان هذا الخيار هو طريق الإنتحار، لا تتعلق هذه الفكرة الخالية تماما من أي معنى للصبر بأشخاص معينين و لكنها أصبحت في هذا الزمان من الحلول الشائعة بين الجميع.
أصبح الإنتحار حلا من الحلول لدى بعضهم لأن مفهوم و معنى الصبر قد غاب و تلاشى أما الإيمان و العقيدة فهما غير موجودان أصلا هذا ما يجعل الإنسان خاليا و أجوف من دون أي مضمون يذكر و هذا هو إنسان هذا الزمان.
ليس أمام أي إنسان في كل حياة سوى الصبر فملل و تكرار الأيام لوحده يستوجب من الإنسان جبالا من الصبر و هذا ما لا يستطيع البعض تحمله و من ليس له نفس طويل في هذه الحياة فلن يستطيع الحياة طويلا و حتى لو إستطاع فهو يعتمد في ذلك على أساليب غير شرعية تزيد من جرعات صبره من خلال جرعات يعتمدها من نوع آخر و هكذا يعتمد كثيرون على تلك الأنواع المختلفة من الجرعات القاتلة ليبقو صابرين من خلال نسيان كل شيئ حتى أنفسهم.
إكتشف العالم يسعى إلى المعلومة المفيدة و البسيطة التي يحاول الجميع إيجادها و مهما كانت المعلومة غريبة أوعجيبة سوف تجدها في عالم الإكتشاف بسيطة و سهلة , إكتشف حولك هو إكتشاف العالم الذي نعيش فيه و لا زلنا لم نكتشف منه حتى قطرة من محيط . الكاتب محمد علي [ عالم الإكتشاف ]
- مقالات متصلة :
- الهدف من خلق الإنسان وعمارة الارض
- السعادة مفردة سهلة و لكنها صعبة المنال !
- إنسان يبحث عن حياة ؟
- الإنسان في هذه الحياة هو مجرد قشة في مهب الريح !
- تمر الأيام و تمضي السنين