في أوطان مثل هذه التي تسمى و هي لا تستحق يوما هذا الإسم، إنها مجرد حطام و قفار و خراب لكل الناس الذين يعيشون فيها و الذين لطالما ذاقو الويلات منها فهي لا شيئ يمكن أن تكتبه و لا شيئ يمكن أن تتحدث عنه و لا شيئ يمكن أن تتذكره أو تحاول نسيانه، إنها حياة في هذه الأوطان بدون أي معنى أو مغزى في هذا المكان المليئ بالفراغ !
إن كثيرين ممن صدمو من المكان الذي يعيشون فيه لم يكون يتصورون صعوبة الحياة ها هنا و لم يكونو يعتقدون يوما أنهم سوف يبحثون عن حياة في مكان آخر، إن العيش في أوطان الموت لهو قدر الإنسان السيئ في هذه الحياة لكن المسألة هنا ليست في القدر لأن القدر إيمان راسخ في القلب لكن عجز الإنسان جبنه هو شيئ سلبي جدا و ليس حين يعض الإنسان على أصابعه من الندم سوف يغير شيئا ما في الأمر.
لكن الذين هم مؤمنين بقدر الله عز و جل و الذين لديهم ثقة في أنفسهم هم الوحيدون الذين يحاولون البحث عن حياة طيبة في بلد طيب، إن سلبيات المكان هنا تزداد كثافة و تركيزا و حسب قواعد الفيزياء فإن إنفجار العقول و القلوب و النفوس هو أمر أصبح حتمي و أقرب من أي وقت مضى.
هنا أصبح المكان موحشا و مقرفا في نفس الوقت لكأنك في بلد الأشباح حيث السكون و الصمت يسودان في المكان و ليس هناك ها هنا أي فرق مع صمت و سكون أهل القبور. إن الزمان و المكان هنا يسيران بخطى مسرعة نحو الفناء و الزوال و مثل أي شيئ زائل في هذه الحياة الدنيا الفانية فالمهم أن يحاول الإنسان الجاد و أن يسعى لإيجاد حياة قبل الفناء.
رغم ذلك و في حين يبحث بعضهم عن حياة طيبة في مكان آخر عوض هذا المكان الخبيث يحاول البعض الآخر أن يبقى الخراب و الفساد و الظلم و النفاق و الموت يعمون و يسودون المكان، هكذا يفرح هؤلاء بمشاهد الموت في كل شيئ و هي تعم هذا المكان الذي جعلوه جحيما لآخرين و لو أرادو لجعلوه جنة يسعد فيها الجميع، هؤلاء هم دعاة الموت النفسي و الديني و الأخلاقي و الفكري و العقائدي و القلبي هكذا قتل هؤلاء الحثالة كل شيئ في الناس ها هنا.
لقد قتل هؤلاء الأوغاد أشياء كثيرة في الإنسان الذي يعيش في مثل هذا المكان فلم يعد هناك أي شيئ الآن لا دين و لا أخلاق و لا علم و لا معرفة و لا ضمير و لا أمل و لا حلم، هكذا يزرع أشباه هؤلاء هنا بذور الموت في كل مكان حتى أصبح المكان مقبرة أحياء يعيشون فيها هم أولئك القلة في حين يعيش الأغلبية الباقية في موت كل لحظة، هناك أناس أنانيون جدا هنا و قد يكون الحسد و البعض شيئا من قلوبهم السوداء و المريضة هكذا يريد أمثال هؤلاء أن يعيشو لوحدهم فقط و لا يعيش معهم أي إنسان آخر حيث يبقون لوحدهم يعبثون في المكان و هنا يقول لهم من يبحث عن حياة، لقد تركنا لكم المكان بأكمله فحاولو أن تبقو فيه خالدين مثلما خلد فيه من قبلكم !
لقد نجح للأسف أمثال هؤلاء في نيل مرادهم السيئ و مبتغاهم القذر حيث إستطاعو تحويل هذا المكان الجميل جنة لهم و جحيما للآخرين فتبا و سحقا لهم من أوغاد.
أصبح الحديث بعد كل هذا عن معنى لحياة ها هنا هو سراب يظنه الظمآن ماءً لكن في النهاية هو لا شيئ يذكر أو يمكن الحديث عنه، إن الذين عبثو بالمكان ها هنا لم يتركو أي شيئ لم تلوثه أياديهم النجسة، إنهم دعاة الموت و أعداء النجاح و تجار المصلحة، إنهم الأنانيون بإمتياز و الحساد بلا منازع لقد أهلك هؤلاء كل فكرة جديدة و ألجمو كل صوت حاول قول الحق بأي طريقة كانت. لقد جعلو بأفعالهم هذه كل شيئ يوحي بمشاهد الموت الطاغي حيث لا أنت بإستطاعتك أن تسمع ميتا و لا حياة لمن تنادي.
لقد أصبح المكان موحشا ويبعث في النفس الحيرة التي ليس لها حدود و لا ينغلق بابها المقيت، إن المكان الذي نقبع فيه الآن جعل كل قلب يملأه الأسى و الحزن و لعل حياة الحيوان هي المثال الأقرب لمثل هذه الحياة ها هنا بعد أن فرح الوحوش الظواري برغد حياتهم و بذخها و ترفها و التي سلبوها من الآخرين، إن الموت هو أن تعيش في بلدك و قد سلبك من يتحكم فيه كل معاني الحياة حيث أصبح الأغلبية يعيشون معنى العبودية في كل مظاهرها و ليس هنا شيئ يفصل بين هذه الأغلبية و الحيوانات إلا غابة يسودها قانون الظلم و القوة و الإستعباد.
إن السؤال هنا هو كيف تجد حياة و قانون الغاب يسود، إن الذين وضعو و أسسو و خططو لهذا القانون يعلمون جيدا أنهم خارج دائرة هذا القانون لا لشيئ و لكن لكونهم أقوياء و القانون لا يطبق إلا على الضعفاء الذين لا تعني حياتهم أي شيئ و الذين ينظر لهم وحوش الغابة على أنهم فريسة تنتظر أجلها في أي لحظة و بما أن دماء الآخرين هو الطبق الأشهى لهذه الوحوش التي لا تملك في قلبها شيئا من رحمة.
مهما إستحال العيش ها هنا و مع هذه الوحوش التي لا ترحم فلا بد من إيجاد سبيل ما و طريق أخرى موصلة فالإستسلام هنا معناها أنك حكمت على نفسك بالموت قبل أن تلاقيه و هذا ما لا يجب أن يحدث، إن طرق الحياة عديدة و متشعبة و لكل منا إختياره الخاص ففي حين يستسلم العاجزون منذ الوهلة الأولى هناك آخرون الإستسلام مفردة غير موجودة في قاموسهم فهم يحاولون بشتى الطرق إيجاد طريق أخرى لا يسلكها كثيرون في هذه الحياة لأنها طريق الأقوياء و الضعفاء ليس لهم قوة عليها، إنها طريق إيجاد معنى لهذه الحياة.....
إكتشف العالم يسعى إلى المعلومة المفيدة و البسيطة التي يحاول الجميع إيجادها و مهما كانت المعلومة غريبة أوعجيبة سوف تجدها في عالم الإكتشاف بسيطة و سهلة , إكتشف حولك هو إكتشاف العالم الذي نعيش فيه و لا زلنا لم نكتشف منه حتى قطرة من محيط . الكاتب محمد علي [ عالم الإكتشاف ]
- مقالات متصلة :
- مآسي الأمة
- الصبر على البلاء والمصائب
- عندما تغيب الشمس
- الدين تجارة رابحة