الذات الانسانيه والبحث عن الحقيقه ؟



إنه السؤال اللغز الذي لطالما حير الكثيرين منذ نشأة الإنسان على هذا الكوكب و هو يحاول و يحاول، يجتهد و يفكر، يقدر و يدبر ليسأل هذا الإنسان في النهاية نفس السؤال المحير، من يدبر أمور هذا الكون؟ إنه سؤال حير العلماء و الفلاسفة و المفكرين و جعلهم في بحث مستمر و لن يتوقف هذا البحث حتى تتوقف عجلة الزمن في هذا الكون المعجز.


الذات الانسانيه والبحث عن الحقيقه ؟



- السؤال اللغز الذي حير الباحثين ؟



منذ نشأة الجنس البشري على هذه الأرض من حضارات و شعوب و أمم و الجميع على مر هذه الأزمان و الدهور كانو يبحثون في نفس السؤال و الذي لا يملك إلا إجابة واحدة مازال البحث عنها جاريا رغم وجود إجابة يقينية تحدثت عن المسألة و سردت القصة الموضوعية و الحقيقية و التي لا غبار عليها منذ النشأة و حتى الفناء. منذ النشأة الأولى و الإنسان يبحث عن أصل وجوده كما يبحث في نفس الوقت عن ماهية الحياة و لماذا هو على هذه الأرض !

إنها أسئلة عديدة تتفرع من نفس السؤال الذي طرحناه منذ البداية. إن الباحثين في ذات الإنسان هم يبحثون أيضا في حقيقة أخرى و هي حقيقة الذات الإلاهية و هذا هو محور البحث بين المؤمن و الكافر، تبقى أسئلة عديدة تحوم حول الخالق سبحانه و تعالى. إن أسئلة الذات الإنسانية لا تنتهي حول هذا الموضوع اللامتناهي من حيث الزمان و المكان حيث يوجد هناك كثير من الأسئلة من دون إجابات.


إن حياة الإنسان كلها مليئة بالألغاز فمن خلق الإنسان الأول و خروجه من العدم إلى الوجود إلى مسيرته القصيرة في الحياة الدنيا وصولا إلى الموت و إلى ماذا بعد الموت ؟ كل الأسئلة لا تنتهي بإجابات حسب ما يعتقده كثيرون لكن من سلك طريق الحق و إتبع سبيل الرشاد و نظر من خلال بصيرته و ليس من خلال بصره فسوف تتضح له رؤيا الحق كما أنه سوف يستفيق من حلم الظلال و وساوس الشيطان.

إن حيرة الضالين لا يبدو لها نهاية لأنهم هم أنفسهم من يبحثون و هم من يطرحون الأسئلة و هم أنفسهم من يجيبون على تلك الأسئلة مثلما يريدو و لأنهم يضعون إجابات على مقاسهم و حسب معتقداتهم فهم بالتالي لديهم إجابات مسبقة عن هذا السؤال المهم و المركزي في حياة الإنسان.


- الحقيقة بين التفكير و التسليم



هناك من يفكر بالأمر من منطلق تسليمه بكل شيئ يقدم له حتى لو كان خاطئا فهو قد لا يعترف بأي أصلا و قد يقر بعدم وجود أي حقيقة، إنه الإنسان الذي لا يعتقد بأي إعتقاد بل هو يسلم بعدم وجود حقيقة.

إن هذا الصنف من الناس لا يجتهد و لا يريد الإجتهاد و هو بالتالي لا يفكر و لا يريد حتى التفكير بشكل سليم، إن الحقيقة لدى هؤلاء لا معنى لها و ليس لها وجود و هي حسب رأيهم مثل السراب الذي يحسبه الظمآن ماءا. يدعي هؤلاء الذين يسلمون بكل ما يجدونه أن الآخرين يتمنون تلك الحقيقة الأخرى لأنهم ببساطة سوف يجدون كل ما يتمنونه و لم يجدوه في الحقيقة التي يعيشونها في الوقت الراهن لذلك فهم يحاولون الهروب بتفكيرهم إلى الأمام للإعتقاد في تلك الحقيقة التي لطالما كانو يتمنونها.

إن تفكير الآخرين السليم هو مبني بالأساس على حقيقة واضحة وضوح الشمس من دون أمنيات و أوهام مثلما يدعيه الآخرون و الذين يسلمون في كل شيئ فحسب هؤلاء فإن الحقيقة هي مبنية مثل لعبة قطع الدومينو أو مثل لعبة الأحجية التي تستوجب من الإنسان التفكير لتكتمل الصورة واضحة في نهاية الأمر و هكذا تكتمل الحقيقة التي هي لدى البعض أحجية من دون حل.

إن حقيقة الخلق و هي الحقيقة التي نتحدث عنها منذ البداية هي الحقيقة التي يبحث وراءها الجميع و هي التي لطالما شغلت الذات الإنسانية و جعلته يحاول البحث في كل إتجاه ليجد إجابات أو إجابة عن أسئلة كثيرة تحل معه أينما ولى وجهه، إنها سنة البشر منذ البدء و قد يكون خير مثال على ذلك نستدل به هو النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم، كان خاتم النبيين محمد قبل نزول الرسالة عليه يصعد إلى غار حراء و يجلس في الليل على الجبل يتفكر و يتدبر في عظمة الخلق و شساعة الكون و ضوء النجوم و الذي يثقب بنوره ظلمة الفضاء الحالكة ليتفكر و يطرح نفس السؤال، ما هي الحقيقة وراء كل هذا الكون المعجز.


- الحقيقة الغائبة !



يرى بعضهم أن الحقيقة ما تزال غائبة و هي بين صفحات المجهول و لا أحد يستطيع الوصول إليها إلا في الأحلام في حين أن الحقيقة ليست كذلك أبدا على الأقل بالنسبة لكثيرين فالله سبحانه على الأقل نحن المسلمون قد كشف لنا من خلال النبي محمد صلى الله عليه و سلم  و رسالته الخاتمة لكل الرسالات السابقة القطعة الأخيرة ليكتمل حل الأحجية التي حيرت عقولا و أعجزت قلوبا و تاهت بأفكار آخرين نحو الظلام الحالك حيث سجنو أنفسهم في ذلك الظلام من دون أي ضوء أو نور.

نحن على الأقل المسلمون في زمن غاب فيه الإسلام و هو على شفا حفرة من الإندثار لدينا كل الإجابات الكافية عن قطع الأحجية التي حيرت الشرق و أعجزت الغرب، لقد رسم القرآن لنا نحن المسلمون معالم الطريق منذ النشأة و حتى النشور و من الظلام إلى النور قد خرجنا رغم أننا اليوم قد إبتعدنا كثيرا عن ذاك الطريق إلا أننا نعلم كل تفاصيل الأحجية من ألفها و حتى آخر حرف فيها.


لم تعد هناك حقيقة غائبة لدينا فالقرآن قد بين لنا كل شيئ فمن نشأة الكون من خلال الإنفجار الكوني العظيم و الذي أقر به علماء الغرب اليوم إلى رحلة الإنسان في هذه الحياة من الحياة الدنيا إلى الآخرة إلى آيات الله المعجزة في هذا الكون. لم تعد هناك أي حقيقة غائبة إلا من خلال تفاصيل و جزئيات أخرى لكن الأصل هو ثابت لا يتغير و لا يتبدل فمثلا الموت و من دون ريب هو نهاية طريق الإنسان في هذه الحياة لكنه أيضا تمهيد لبداية حياة أخرى للإنسان. 

لم يخلو كتاب الله عز و جل من كل حقيقة فهاهي حقيقة الإنسان بكل تفاصيل مراحلها منذ تكونه و جنين في بطن أمه إلى أن تغدو عظامه رميما بعد الموت. لكن المشكلة هنا لم تعد حول إيجاد الحقيقة بل أصبحت حول عدم تقبل بعضهم هذه الحقيقة و غيرها.


- الذات الإنسانية بين إيجاد الحقيقة و عدم الإعتراف بها



في كل زمان هناك فراعنة و طغاة و متجبرون و متكبرون و ممن يدور في فلك هذه المعاني التي لا يخلو منها زمان، إنهم جنس بشري لا يعترف بأي حقيقة تقدم إليه فهو لا يعترف حتى بحقيقة أخرى قد يراها رؤيا عين فضلا على أن يقرأ سطورا حسب إعتقاده في كتاب مقدس.

هكذا هم من يسيرون خلف خطى فرعون و هامان و قارون و أبا جهل و أبا لهب، إنها سنة الإصطفاء حيث يصطفي الله عز و جل من عباده المؤمنين و الكافرين، هناك أقوام سابقة حتى حينما أراهم الله حقيقة ما بأم أعينهم فإنهم عادو فيما بعد و دحضوها بألسنتهم و كأنهم لم يروها و كأن الله لم يجعلها آية معجزة لهم و للعالمين. إن الذين لا يعترفون بحقيقة الخلق هم أناس حقت عليهم كلمة الضلالة فلا مناص و لا فكاك و حتى لو عاد كل الأنبياء من أولهم إلى خاتمهم صلى الله عليه و سلم و أروهم آيات الله آية آية فلن يؤمنو أبدا لقد جرى عليهم القلم و لا رجوع مثل قوم بني إسرائيل.
إن الذين تكبرو و تجبرو و هم فراعنة كل عصر هم لا يتراجعون أبدا لأنهم لا يؤمنون بالغيبيات فهي لا وجود لها حسب معتقداتهم إنما هم يؤمنون بكل شيئ يمسكونه بأيديهم و خاصة المال فذلك هو الحقيقة برمتها و ليس بعده أي حقيقة. 

اليوم غابت الحقيقة في كل العالم خاصة و أن الذين لا يعترفون بأي حقيقة هم من يسيطرون على كل العالم لذلك يغيب في العالم اليوم المقدس و يطغى كل ما هو مدنس. أصبحت الحقيقة تنازع سكرات الموت و قريبا جدا سوف تقبض روحها و حينها لن يسود في العالم إلا الظلام، إنه ظلام الجهل.






إكتشف العالم يسعى إلى المعلومة المفيدة و البسيطة التي يحاول الجميع إيجادها و مهما كانت المعلومة غريبة أوعجيبة سوف تجدها في عالم الإكتشاف بسيطة و سهلة , إكتشف حولك هو إكتشاف العالم الذي نعيش فيه و لا زلنا لم نكتشف منه حتى قطرة من محيط .                                                                                                                                                                                                                                                               الكاتب محمد علي [ عالم الإكتشاف ] 


- مقالات متصلة :


- السعادة مفردة سهلة و لكنها صعبة المنال !


- إنسان يبحث عن حياة ؟


- الإنسان في هذه الحياة هو مجرد قشة في مهب الريح !


- تمر الأيام و تمضي السنين


- كيف تكون رجلا ؟ 






 

copyright © 2020. كتابـــي - جميع الحقوق محفوظة