يقف الإنسان في هذه الحياة مذهولا لقتامة الصورة إنها صورة كلها ألغاز و هموم و مشاكل و آلام هكذا هو سير الحياة الدائم و المنتهي و في نفس الوقت نحن لا نملك شيئا في هذه الحياة المسرعة إلا الكلمات التي سوف تبقى خالدة و يفنى الإنسان , نحن من نحن إننا مجرد أرقام تأتي و تذهب بدون رجعة إنها سنة الفناء التي كتبت على جبين كل واحد منا منذ الخلق الأول .
منذ يخلق هذا الإنسان الضعيف و هو ينظر لنفسه الفانية على أنها محور الكون و مركز الوجود لكن يتغافل دائما عن كونه أضعف مخلوق في هذا الكون حتى أن ذبابة واهية يقف أمامها هذا الذي كان يرى نفسه قمة من العظمة و الكبرياء عاجزا و حائرا من الضعف و الوهن , إنك أحقر من تلك الذبابة الحقيرة التي تعجزك و تقف على قذارتك و طعامك في نفس الوقت و لا و لن تستطيع منعها . لقد كتب لك في هذه الحياة أن تعيشها كما هي فليس لك من الأمر شيئ إلا أحلام واهية سقفها الأعلى مسكن و زوجة هكذا بدت ترهات أصحاب الأفكار المحدودة الذين يعيشون الحياة كالأنعام بل هم أضل همهم الوحيد هو البناء للموت و الجنس للفناء مثلهم و ما يعملون و ما يجمعون و كيف يفكرون كمثل سراب يحسبه الضمآن ماءا , ماذا تفعل يا إنسان إنك في بحر خضم سطحه فيه الدنيا و الغوص لأعماقه يعني الموت فهل تريد الموت !
لا أضنك تريد الموت لأن الموت لا يسعى إليه إلا الرجال فهل أنت رجل في زمان نادر فيه الرجال ! إنك إنسان ليس لك من الأمر شيئ إلا أنك تتكلم كما يحلو لك حتى تثبت أنك موجود لأن كلماتك سوف تبقى لكنك سوف تبلى هذه هي حقيقة حياتك الدنيا لذا فلتتقبلها و لا تتغافل عنها حتى لا يقسى قلبك . الحياة إنها تتلاعب بك فتأخذك هناك تارة و تعيدك إلى هنا تارة أخرى و لست تدري أين موضعك في المرة القادمة إن كانت هناك مرة قادمة إنك بمثابة الأعمى الذي يرتطم بما حوله و بما يقف أمامه , تتسارع وتيرة الأيام بمرورها و أنت تفقد في كل يوم الوقت و العمر الحياة في محورها تقف ضدك و تسهر على تقييدك و تثبيت الأغلال عليك حتى لا تستطيع الخروج من قبرها الفاخر الذي جهزته لك فهل تستطيع النجاة .
لا يوجد شيئ في هذه الحياة إسمه مستحيل لأنه إن وجد فلماذا سميت حياة هكذا علمتنا الحياة لذلك إن كنت تمتلك الإرادة فأكيد أنك لن تكون تلك القشة في مهب الريح فكم من قشة حملتها الرياح إلى بر الأمان , يقف هذا الإنسان تائها أمام مايراه كل يوم من أهوال تجعل الحليم حيران لذلك فإن تلك الأهوال هي من تتلاطمه مثل أمواج البحر الغادر الذي يريد أن يكون قبرك , إصنع لنفسك مركبا قبل فوات الأوان فإرادتك هي طوق نجاتك حتى لا تكون قشة في مهب الريح فكم من قشة حملت معها بذور فأنبتت فكن تلك البذرة الصالحة التي حملتها الرياح بين طياتها .
يقف كل شيئ ضدك في بعض الأحيان إنها لعبة القدر في حين أن الذين لا يحبهم القدر و لا يعير لهم أي إهتمام طريقهم سالكة دائما فلماذا يقف أمامهم القدر إن القدر لا يقف إلا أمام الأقوياء أما الضعفاء فهم لا وجود لهم في الأصل , الآن سوف تزرع في نفسك بذرة الإرادة حتى تستطيع مواصلة المسير إلى النهاية مهما إشتدت الصعاب في زمن الأهوال و حسبك أن لك من الزاد ما يكفيك مشاق الطريق في مهب الرياح و العواصف إنك الآن تبلي بلاءا حسنا فأنت الآن أصبحت رجلا و ليس أمامك من سبيل إلا مواصلة السباحة بكل إرادة حتى تستطيع النجاة من أهوال الدنيا و فتنها الموبقة .
إن الإنسان في هذه الحياة هو مثل القشة التي تعصف بها الرياح و تأخذها حيث تريد لكأنك أيها الإنسان لست تعني شيئا أمام قوى الطبيعة التي تستطيع بلمح البصر إزالتك من على هذا الوجود , لست أدري كيف يدعي هذا الإنسان نفسه أنه الأقوى و الأعلى و الأكثر تجبرا في حين أن الجبار يقف أمامه بالمرصاد حتى يبين له مدى ضعفه و ذله و حقارته و يكفي أن له في هذه الحياة يوم ينتهي فيه أجله إنه قدرك المحتوم و الذي لا هروب منه يستطيع هذا الأجل أن يأتيك في أي لحظة من لحظات حياتك أو يأخذك إلى المجهول على حين غرة كيف ما أراد و وقت ما أراد من بعد إرادة الله الواحد القهار . رغم كل هذا و هوانك و حقارتك أيها الإنسان فإن لك وظيفة قد خلقت لأجلها و هي أن تكون خليفة الله على هذه الأرض فأنت لم توجد من العبث فللحياة حكمة و للموت عبرة و للخلق تدبر فإن لك موعدا فيما بعد لن تخلفه إذا أبدا فسارع ألى فعل الخيرات و بادر لترك المنكرات فلعلك تصبح إنسانا و ليس قشة في مهب الريح .
لعلك الآن تفهم ما الذي يعصف بك و يأخذك للمجهول إنها بلا شك أهواءك و نزواتك و شهواتك التي ليس لها حدود و هي لا تنتهي بأي حال من الأحوال و أنت و من دون إرادة لن تستطيع كبح جماحها أو إيقافها عند حدها لذلك ما يجب عليك أن تمتلك الإرادة التي لا يمتلكها الجميع خاصة في زماننا هذا التي تنتشر فيه الأهوال و لئن إكتسبت في يوم من الأيام معنى الإرادة فأنت إذا تصنع لحياتك معنى و ترسم طريقك المفقود بين العواصف و في هذا البحر المتلاطم الأمواج هكذا تستطيع أن تصبح إنسانا بعثت قد من جديد و لست قشة بأي حال من الأحوال .
إكتشف العالم يسعى إلى المعلومة المفيدة و البسيطة التي يحاول الجميع إيجادها و مهما كانت المعلومة غريبة أوعجيبة سوف تجدها في عالم الإكتشاف بسيطة و سهلة , إكتشف حولك هو إكتشاف العالم الذي نعيش فيه و لا زلنا لم نكتشف منه حتى قطرة من محيط . الكاتب محمد علي [ عالم الإكتشاف ]