السعادة الزوجية أصبحت من الأشياء النادرة في عصر العولمة خاصة و نحن نعلم نسب الطلاق الماهولة و التي لا تنذر إلا بالخراب و دمار البيوت . لم يعد اليوم التفكير في مسألة الزواج فحسب بل أصبح التفكير في ماذا بعد الزواج ؟ هل هي السعادة أم التعاسة الزوجية ؟ هل هو الإستقرار الذي يتحدث عنه الجميع أم هو الشقاء و التعاسة التي تبتدأ بعد الشهر الأول من الزواج .
السعادة الزوجية بين الألم و الأمل ! قلة نادرة هم من يعيشون أو يذوقون طعم السعادة ليس في الحياة الزوجية فقط بل في مجمل الحياة . السعادة هي الشيئ النادر الذي لا يتوفر من خلال المال أو الجاه أو الزوجة الجميلة أو الوظيفة الهامة . إن المعادلة يحققها الخالق سبحانه و تعالى حتى يتحقق العدل الغائب في زمن النفوس التائهة حيث يمكن أن يعيش الفقير في سعادة و في نفس الوقت يفكر صاحب المال و الجاه في الإنتحار . إن السعادة الزوجية لا يمكن توفرها إلا من خلال شروط توجد عند كلا الزوجين و عندما تغيب هذه الشروط سوف تغييب الضرورة السعادة التي يبحث عنها الجميع . اليوم سوف نحاول إن شاء الله دراسة الحياة الزوجية بين ألم الإنسان و أمله في الحياة . يقول المفكر الإيرلندي جورج برنارد شو " إذا كانت المرأة دقيقة جدا في البحث عن مواصفات الرجل المناسب فهي لن تتزوج على الإطلاق. " يعتبر الألم و الأمل قدرين محتومين على جبين أي إنسان لكن الخطوة الأولى هي التي سوف تحدد مسار بقية الطريق أي أن الخطوات الأولى في طريق الزواج هي التي سوف تحدد شكل الحياة فيما بعد . إن أول خطوات الحياة الزوجية السعيدة نسبيا هي في الإختيار المناسب و عندما نقول سعادة نسبية فهذا يعني أنه لا وجود لسعادة تامة لأن السعادة دائما ما تكون منقوصة . إن الإختيار المناسب هو من أهم الخطوات لضمان حياة زوجية سعيدة نسبيا لأن الذين يدعون أو يعتقون بتقديمهم لوصفات سحرية تضمن السعادة الزوجية هؤلاؤ يتوهمون ذلك و يوهمون من حولهم و للأسف قد يصدقهم البعض . إننا عندما نتحدث عن حسن الإختيار فهذا يعني أنك سوف تختار أو تختارين من ستقضين معه بقية حياتك و هذا ليس بالأمر الهين . يعد سوء الإختيار من أهم مسببات إنتهاء الحياة الزوجية و بالتالي الطلاق . لا يمكن للسعادة الزوجية أن توجد في ظل تفاوت علمي و معرفي كبير بين الزوجين لأن هذا سوف ينعكس على طرق التفكير بين الطرفين مما سيأدي لمشاكل و صعوبات بين الأزواج . إن المثال الذي يوضح ذلك هو أن الرجل البسيط في مستواه العلمي و المعرفي سوف يجد صعوبات مختلفة و متشعبة حينما يرتبط بإمرأة ذات مستوى علمي عالي دكتورة أو طبيبة سوف تتعامل معه الطبيبة و الدكتورة تلقائيا بصفة متعالية و بنظرة فيها شيئ من الإحتقار , هنا يبرز دور حسن الإختيار في تحديد نجاح أو فشل الحياة الزوجية . تكمن صعوبة إيجاد السعادة الزوجية بعد الزواج في أن الأقوال قد تختلف كثيرا عن الأفعال على أرض الواقع . إن الصعوبة في إيجاد السعادة تظهر حين تأتي لحظة الحسم و تنتهي المقولات الغرامية في فترة الخطوبة التي قد يغلب عليها الزيف و في هذا يقول الفيلسوف جان جاك روسو " قبل أن أتزوج كان لدي ستة نظريات في تربية الأطفال أما الآن فعندي ستة أطفال و لا أملك نظريات لهم" . بالإضافة إلى إختيار الزوج المناسب في هذه الحياة الدنيا لا بد من أن يكون هناك تفاهم بين الزوجين و هذا التفاهم لا يكون إلا من خلال التفاهم المتبادل . لا يمكن أن تكون هناك سعادة نسبية و هناك شك حاضر لأن الشك هو الدليل القاطع على إنعدام الثقة و إذا غابت الثقة بين الزوجين فلن تكون هناك أي سعادة . إن الأزواج الذين لا يحصل بينهم تفاهم غالبا ما تنتهي حياتهم الزوجية بالفشل و هذا شرط آخر من شروط السعادة الزوجية , يقول الفيلسوف برنارد شو " إذا إمتلك الإنسان المال و تمتع بالصحة لن يتوقف عن سؤال نفسه هل هو سعيد أم لا ! ". لهذا فإن السعادة في مجملها ليست تلك الثمرة سهلة القطاف بل لا بد من توفر الشروط و الظروف الملائمة لنمو تلك الثمرة . يمكن أن يجد الإنسان معنى السعادة من خلال ثلاثة أشياء شيئ صالح يفعله و و زوجة صالحة تعيينه على الدنيا و أمل أو هدف يطمح إليه . إن سعادة الأزواج هي في متناول الزوجين اللذين يرغبان في أن يعيشا في سعادة لأن الإنسان يستطيع إيجاد السعادة إذا توفرت عدة شروط . السعادة الزوجية بين الحقيقة و الخيال ! إن سعادة الأزواج تبدأ من خلال طريقة تفكيرهم الصادقة و الواثقة بالله فلا يمكن أن تكون هناك سعادة زوجية أبدا من دون إيمان , إن إيمان الإنسان الصادق بالله هو الضامن الوحيد لإيجاد معنى السعادة لأن المشكك في وجود الله هو ذلك الشخص الذي لا يمكن التعايش معه بأي حال من الأحوال . إن المؤمن الصادق هو الشخص الأنسب و الإختيار المناسب لحياة زوجية سعيدة و هذا ما أصبح نادرا في زماننا خاصة نحن اللذين لا نملك من الإسلام إلا إسمه . إن الصلة بالله و التمسك بتعاليم هذا الإسلام العظيم هي السبيل لإيجاد مفهوم السعادة ليس بين الأزواج فقط بل في الحياة برمتها . إن المشكلة الواضحة أن المسلمين أو الذين يسمونهم بهذا الإسم لا يعرفون عظمة و قيمة الدين الذي بين أيديهم و الذي جاءهم على طبق من ذهب من خلال التضحيات التي لا يمكن حصرها في حين أن الغرب يعرف جيدا قيمة هذا الدين العظيم و دوره في بناء حياة سعيدة لذلك أقر علماء الغرب و فلاسفته بذلك من ضمنهم الفيلسوف الإيرلندي جورج برنارد شو الذي يقول لو أن رسول الإسلام محمد صلى الله عليه و سلم تولى زمام الأمور في عالمنا اليوم لتوصل إلى حل مشكلات العالم بما يضمن السعادة و السلام للبشرية جمعاء . إن ما يمكن قوله هو أن السعادة في كل الحياة و ليس الحياة الزوجية فقط لا يمكن إيجادها من دون إيمان . الإيمان بالله هو طريق الطمأنينة و الراحة النفسية اللذين هما جزء لا يتجزأ من السعادة لذلك فإن إختيار الزوج أو الزوجة الصالحة هما الخطوة الأولى و الأهم في بناء حياة زوجية سعيدة على أسس سليمة .
إكتشف العالم يسعى إلى المعلومة المفيدة و البسيطة التي يحاول الجميع إيجادها و مهما كانت المعلومة غريبة أوعجيبة سوف تجدها في عالم الإكتشاف بسيطة و سهلة , إكتشف حولك هو إكتشاف العالم الذي نعيش فيه و لا زلنا لم نكتشف منه حتى قطرة من محيط . الكاتب محمد علي [ عالم الإكتشاف ]