الرئيسية » » وقفة تأمل مع الذات

وقفة تأمل مع الذات

نحن نعيش في هذه الحياة الدنيا و نختلف في كل الأقدار و لكننا نتحد في مصير و نهاية واحدة  لكني و منذ أن وعيت بكل هذا إكتشفت كل ما يجب إكتشافه عن الحياة و عن ذات الإنسان لذلك كنت دائما ما أحاور ذاتي و أطرح عليها أسئلة لعلها تعطيني بعض الإجابات التي لطالما شغلت نفسي و حيرت وجداني و حركت أحاسيسي و مشاعري.


إنني أعيش مثل الجميع و لست مثلهم في أشياء كثيرة لأن لكل شخص في الحياة نظرته الخاصة و إعتقاده الذي يميزه عن الآخرين و كل ما يقوم به هو إنعكاس لذاته من الداخل.



وقفة تأمل مع الذات



أنا لم أقف يوما لأتأمل مثل كثيرين لعل الفرصة لم تكن سانحة قبل ذلك أو لعل مشاغل الحياة شغلتني مثل كثيرين لكن المهم أن اللحظة قد حانت لأنظر لذاتي نظرة تأمل في هذا المخلوق الذي خلق بداخلنا و الذي يملك القدرة للسيطرة علينا في بعض الأحيان إن لم يكن في أحيان كثيرة، تملك ذواتنا قدرة رهيبة في السيطرة و التحكم و يرجع ذلك لأسباب متعددة مرتبطة بالإنسان نفسه، كيف يفكر و فيما يفكر و ماذا يعتقد ؟ إنها أسئلة فلسفية عديدة تدور في فلك هذه الذات و يمكن للإنسان أن يجد بعض الإجابات عنها كما أنه قد لا يجد كل الإجابات التي كان يبحث عنها.
إن الولوج في أعماق هذه الذات ليس بالأمر السهل كما أنه يمكن أن يتحول لفعل قاتل، إنها مليئة بالألغاز و يلفها الغموض حيث لكل ذات هناك أسرار و ملفات و ألغاز فهي بمثابة الصندوق المغلق الذي لا يمكن لأحد آخر إكتشاف ما فيه من أسرار، يحمل هذا الصندوق كل شيئ الفرح الحزن، الأمل و الأمل، النزوة و الشهوة، إنه يحمل كل شيئ عن هذا الإنسان.

لقد فعلت هذه الذات أفاعيلها لدى كثيرين فهناك من إستطاع النجاة من شباكها و هناك من ألقت به إلى الجحيم و هناك من جعلته يخسر كل شيئ و هذا يعني أنه بإستطاعتها السيطرة على عقول و التحكم بأشخاص آخرين. إن ذات الإنسان لهي لغز آخر محير في حياة أي إنسان فهي قد تمثل الخير كما قد تمثل الشر أو قد تعكس في بعض الأحيان الشيطان كما قد تعكس في أحيان أخرى الملاك الطاهر.


لا يقف كثيرون وقفة تأمل مع ذواتهم في حين أن كثيرون آخرون دوما ما يقفون مع تلك الذات التي بداخلهم فيحاورونها و يجادلونها و يسألونها و يحاججونها و هكذا تدور حوارات لا تنتهي بين الإنسان و ذاته، هناك أنواع مختلفة من هذه الذات مثل أنواع االبشر المختلفين في أشياء عديدة حيث هناك ذوات صالحة و أخرى طالحة و أخرى طيبة و أخرى شريرة و هكذا يدور الإنسان في فلكها لتدفعه في أوقات إلى الخير و تدفعه في أوقات أخرى إلى الشريرة.

كل إنسان منا يحمل معه ذاته التي تمثله و تعكس هويته فهذه الذات الإنسانية طيبة و الأخرى شريرة و هكذا يكون في عالمنا الأخيار و الأشرار فهي التي تتحكم بنا و تقودنا إلى الجحيم أحيانا فمنا من تساعده ذاته ليعيش راضيا على حياته بحلوها و مرها و منا من تدفعه تلك الذات المتوجسة و المشوشة ليعيش حياته أقرب إلى الجحيم لهذا فإن ذواتنا قد تأخذنا من الجحيم إلى الجنة كما قد تأخذنا في الإتجاه المعاكس من الجنة إلى الجحيم هكذا تلعب معنا لعبة الذات لعبتها و المهم لهذا الإنسان في النهاية أن يخرج فائزا من هذه اللعبة المليئة بالمصاعب و التحديات.
كل إنسان منا و له علاقة ما مع هذه الذات فمنا من هو صديق لها حيث العلاقة مميزة بين الإنسان وذاته و لا يوجد أي مشاكل و هذا هو الإنسان الذي لديه رضى عن نفسه إلى حد ما أما النوع الآخر من الأشخاص فتجدهم في حالة صدام مع هذه الذات و ليس هناك أي هدنة بينهما فالحياة قد تتحول إلى جحيم لا ينتهي حين لا يكون هناك توافق بين الإنسان و ذاته.

هناك في الحياة أشياء كثيرة لا بد لنا أن نقف أمامها وقفة تأمل و تفكر و إن لم نقف هذه الوقفة فما هو الفرق بيننا و بين الكائنات الأخرى التي لا تعقل و لا تفكر لذلك لا بد لأي إنسان أن يكون له وقفة أمام ذاته و أمام نفسه حتى يعلم تلك الأفكار التي غابت عنه في فترة ما و هل كان حينها على صواب أم على خطأ و هنا يظهر الفرق الذي يميز كثيرا من الناس فهناك من الناس من لا يحرك ضميرهم أي شيئ مثل من يحكمون و يتحكمون في مصير هذا العالم هؤلاء الذين لا يملكون أي ضمائر أو مبادئ أو قيم ذواتهم منعدمة و هم عندما يقتلون شعوبهم أو الآخرين بالرصاص أو في لقمة العيش فلن يحرك ذلك في ضميرهم شيئا.

هناك أشخاص آخرين في الضفة الأخرى كل همهم أن يعيشو شرفاء و رجال في زمن لم يعد يسيطر فيه إلا الأوغاد الذين يدوسون على ضمائرهم كل يوم بفعل المخدرات و المسكرات خوفا من أن يصحو ضميرهم على حين غفلة، هؤلاء الشرفاء لديهم مبادئ و قيم لا يمكن التخلي عنها أبدا لأن التخلي عنها بالنسبة لهم هو بمثابة الإنتحار و مثلما هو لدى الطرف الآخر فإن عودة الضمير هي بمثابة الإنتحار العملي فعالم المال و الأعمال كما هو معلوم هو عالم بدون قيم و مبادئ.

الشرفاء هم لا يتغيرون أبدا و لا تحركهم نزوات الذات التي لا تنتهي و التي ليس لها حدود و التي قد تسيطر على كثيرين ممن غرهم الشيطان أو غرتهم الحياة و لأنهم أصحاب مبادئ و قيم فلا يمكن لأحد منهم أبدا أن يقول في يوم من الأيام "الجشع جيد" و حتى إن قالها في يوم و وقع في فخها حيث لا أحد معصوم فسوف لن يكون أبدا على حساب الآخرين. إن الشريف دوما ما يحاسب نفسه في كل وقت يحاول إصلاح الأخطاء مع ذاته و عدم تكرارها و التعلم من دروس الزمن و هو الذي يحاسب تلك الذات و يزجرها و يحاول دائما كبح جماحها فهي لا تتوقف إذا لم يتم إيقافها عند حدها.

يجب على أي إنسان أن تكون له وقفة تأمل مع ذاته حتى يستطيع مراجعة نفسه و مسيرته في هذه الحياة فالجميع يقعون في الأخطاء حيث لا أحد معصوم من الخطأ لكن ليس المهم أن تقع لكن المهم أن تواصل المسير رغم كل الصعاب، الجميع يقع في الأخطاء لكن الأفضل هو الذي يحاول إصلاح ما يمكن إصلاحه داخل ذاته التي تضعف و تهوي به أحيانا في مكان سحيق.


إن الذي أردت قوله هنا هو أن الإنسان من خلال هذه الذات يمكن أن يكون صالحا لأنها لا تدفعه إلى الهاوية و لا تزج به في طرق الجحيم المتشابكة بل بالعكس فهي من تدفعه إلى فعل الخير و الإبتعاد عن كل الشرور من خلال تقديم النصيحة و العبرة و الموعظة الحسنة أما الذات الأخرى فهي للأسف تلك التي إستحوذ عليها الشيطان و عشش فيها و لم يعد لصاحبها أي ضمير أو رادع يزجره حين يقوم بشيئ خاطئ فيصبح لدى هذا الشخص الخير و الشر متساويان و ليس هناك أي رقيب و هنا سوف يغيب الضمير و تتلاشى كل المبادئ و القيم.










إكتشف العالم يسعى إلى المعلومة المفيدة و البسيطة التي يحاول الجميع إيجادها و مهما كانت المعلومة غريبة أوعجيبة سوف تجدها في عالم الإكتشاف بسيطة و سهلة , إكتشف حولك هو إكتشاف العالم الذي نعيش فيه و لا زلنا لم نكتشف منه حتى قطرة من محيط .                                                                                                                                                                                                                                                               الكاتب محمد علي [ عالم الإكتشاف ]


- مقالات متصلة :


- كيف تنهض الشعوب

- كيف تعيش سعيدا

- عبارات عن الحياة الصعبة

- تنظيم الوقت بين المشكلة و الحل ؟
 

copyright © 2020. كتابـــي - جميع الحقوق محفوظة