بين العالم الأول و العالم المتخلف هوّة
تزداد إنساعا و إبتعادا يوما بعد يوم و سوف نكتشف سببا حاسما و جوهريا بين قطار
التقدم و عربة التخلف لأن العلم هو السلطان في كل هذا و ليس سلطان السذاجة أو
سذاجة السلطان، لا شيئ يوحي بأي حكمة هنا لا يوجد إلا كل شيئ تافه و ليس له أي دور
هنا و بين قطارات العالم المتقدم التي لا تتوقف برهة من الزمن في حين أن قطارات
عالمنا متوقفة منذ قرن من الزمن ففي حين تحاول أمم أخرى النهوض من جديد مثل أمم إفريقيا
السوداء يقف عالمنا العربي لا يبرح مكانه بل و تثخن فيه الحروب و الفتن و الصراعات
و الإنقسامات و السرقات العظمى، إنه عالم يُسرق منه كل شئ و لا يتقدم أي خطوة إلى
الأمام !
العالم المتقدم يطور نفسه في كل يوم فمن
يحكمونه يسعون حثيثا للرقي بمجتمعاتهم و أممهم إنهم يضحون بكل شيئ في سبيل المصلحة
العليا و تطور أممهم هو هدف أول لا يمكن الحياد عنه و لو حتى بمجرد التفكير، إنهم
حكام صالحون يقودون أممهم لذلك فلا ريب أن تكون منزلتهم هي العليا في هذا العالم
الذي لم ننل منه إلا حثالة القوم الذي أخّرونا عقودا طويلة و جعلونا أهون و أحقر
أمة على وجه الأرض، هناك يظهر الفرق شاسعا ليس بين أمم التقدم و أمم التخلف و لكن
بين من يديرون الدفة من صالحين و من يديرون الدفة على الضفة الأخرى من سارقين.
تلك قسمة الزمان في هذا المكان و لا شيئ
هنا يوحي لك بأي تغيير فالمكان مثل مستنقع مياه راكدة لا تعيش فيه إلا المخلوقات
التي تقتات على القاذورات و لم يعد للحياة أي وجود مثل مقبرة يسودها الصمت على
الأقل قد علم من في القبور معنى القبر في حين لا و لن يفهم آخرون في عالم الأحياء
معنى الحياة، معنى أن تعيش بشرف و عزة بين باقي الأمم و أن تكون قادرا على إسترداد
حقك بيدك و ليس بالعبارات الزائفة في عالم السياسة.
هناك أمم تقدمت في
عقود قصيرة بعد أن كانت مدمرة تماما بعد الحرب العالمية الثانية شعارها في ذلك دعه
يعمل دعه يمر أما شعار عالمنا العربي الراقص دعه يرقص دعه يسرق، دعه يسرق، إنه
أزلي في عالم الإنحطاط و التخلف و هكذا تسير الأمور دوما في بلاد عشش فيها لصوص
الزمان فلم يُبقو فيها و لم يذرو أي شيئ فأهلكو الحرث و النسل مثل قوم يأجوج و
مأجوج و مع هؤلاء يدمر كل شيئ و يسير نحو الهاوية.
إن كل ما يحدث هو شيئ لا يحدث صدفة حيث
أن الذين يريدون التحكم و السيطرة على كل مقدّرات و ثروات العالم لا يسعهم إلا صنع
المخططات و حياكة المؤامرات و وضع الإستراتيجيات ليستطيعو السيطرة و الهيمنة و
لكنهم من دون عملاء و وكلاء في كل أصقاع العالم لن يكون بإستطاعتهم تحقيق مآربهم
تلك فكان للتجنيد دور فعال في سرقة عقول و ثروات الأمم الأخرى و ليزداد العالم
الأول ثراءً على حساب فقر العالم الثالث و لا سيم عالمنا العربي الذي يملك أغلب
ثروات العالم في حين تعيش شعوبه الفقر و الحاجة، إنه واقع غير مشرّف أبدا لكل من
يرى و يسمع أخبار هذا العالم العربي الذي يذوق ويلاتٍ لم يعرفها على مدى تاريخه،
إنه عالم يتهاوى و يتفكك و يسقط شيئا فشيئا في المجهول.
لذلك فإن كل شيئ يهاجر من هذه الأوطان
التافهة و البقاع المتهاوية لذلك فلن يبقى بعد ذلك في هذا العالم العربي إلا
اللصوص و اللصوص و ليس هناك مكان لأي شيئ آخر هنا، هكذا أرادها رواد الهيمنة و
هكذا فعلها تجار بالوكالة ليس لديهم أي شرف أو ضمير ليبيعو أوطانهم بكل ما يحمل و
ما عليه بثمن بخسٍ في سوق الخيانة و متجر العمالة إنه وضع بائس جدا لهذا العالم
العربي الذي أصبح بعيدا كل البعد عن ركب الحضارة المسرعة و ليس هذا فحسب بل إنه
يعود و يتقهقر إلى الوراء في كل يوم، إنه وضع أشد بؤسا من كل يوم يسبقه و هكذا
تتداول الأيام السيئة و البائسة على هذا العالم التائه بين قمامة الحضارة.
سوف لن ينتهي هذا أبدا و لن يتغير إلى
ما لا نهاية لأنه قدر هذا العالم العربي و حظه العاثر في هذه الفترة من الزمان،
إنه حال لن يتغير إلا بأمرين إثنين إما الهلاك النهائي و من دون رجعة أو الإنبعاث
من جديد و العودة بقوة لريادة العالم بأسره و حسب وجهة نظري فإن الخيار الثاني
يبدو أقرب إلى الواقع من أي خيار آخر لأن هذا العالم قد يضعف أحيانا لكنه لا يموت،
إنها مسألة وقت فحسب حتى تزول تلك الأورام الخبيثة و التي أدت إلى هذه الأوضاع
العصيبة و بنهايتها تبدأ بوادر الشفاء مع أجيال جديدة هي أكثر أحقية لذاك الشفاء و
ذاك الأمل و ذلك الإنبعاث من جديد و الذي قد يبدو مستحيلا في عالمنا اليوم.
إكتشف العالم يسعى إلى المعلومة المفيدة و البسيطة التي يحاول الجميع إيجادها و مهما كانت المعلومة غريبة أوعجيبة سوف تجدها في عالم الإكتشاف بسيطة و سهلة , إكتشف حولك هو إكتشاف العالم الذي نعيش فيه و لا زلنا لم نكتشف منه حتى قطرة من محيط . الكاتب محمد علي [ عالم الإكتشاف ]
- مقالات متصلة :
- مآسي الأمة
- الصبر على البلاء والمصائب
- عندما تغيب الشمس
- الدين تجارة رابحة
- مشكلة من مشكلات المجتمع