الماضي إنه كلمة مميزة و محيرة في ذات الوقت فهو مرآة تعكس ما سوف يلاقيه الإنسان في حاضره و مستقبله لأنه زمن مميز بالفعل و ليس الأفضل لدى كثيرين ، إنه يعبر بشكل ما عن أفراح البعض في حين أنه مسار مؤلم و محزن لدى آخرين و هكذا فهو زمن كأي زمن آخر لا يمكن السيطرة عليه أو التحكم فيه.
لهذا فلكل زمان له أحداثه و آماله و أحلامه و أحزانه فكان لا بد لكل عقل أن يسترجع أياما مرت بسلام مثل أخرى إنها أيام يداولها الله بين الناس و هي تستمر و لا تتراجع ليتذكرها كل إنسان في لحظة عابرة من لحظات تاريخ مر كعابر سبيل و بسرعة لا تثير أي إستغراب أمام من عرفو بصدق كيف يخطو الزمن خطوته ، إنه قد لا يعني شيئا لدى بعضهم في حين أنه قد يعني أي شيئ لدى آخرين و لهذا يكتب أحدهم في أحيان لا يوجد فيها شيئ على الإطلاق بعض الجمل العميقة في معناها لتسرد وحدها كل قصة و تصف كذلك كل لحظة ، لقد كان الزمن هناك أطول بكثير من زمن اليوم و كانت الأمطار تهطل بكثير مما تهطل به اليوم و كان الناس أسعد بكثير مما هو عليه اليوم و كانت القلوب أفضل بكثير من قلوب اليوم و التي يبدو أن القلوب السوداء هي التي تسود و تتحكم في هذا العالم.
لقد كانت الأيام متباعدة و المسافات قصيرة و الأوقات ممتعة مثل قصة مشوقة يقرأها قارئ ليكتشف من خلالها لعبة يلعبها الجميع دون إستثناء ، إنها لعبة الزمن المحسومة في كل أشواطها و التي دوما الفائز فيها طرف واحد و الخاسر فيها طرف واحد و لهذا فهي لعبة غير نزيهة مثل لعبة الغني و الفقير في هذا العالم الذي يبدو فيه واضحا أن اللاعبون هم نوعين كبار و صغار في حين أن النتيجة محسومة دائما حتى قبل أن تبدأ اللعبة.
لقد كان الزمن في الماضي منضبطا إلى حد ما أما زمن اليوم فهو زمن متعجرف يعكس عجرفة البشر أنفسهم لهذا فلا أحد اليوم يستطيع السيطرة على شيئ سوى اللاعبين الكبار و الذين إحترفو لعبة واحدة و أتقنوها ، إنها لعبة المكر و الخداع و الأنانية و الإنتهازية لهذا فهم للأسف الفائزون الوحيدون في كل مرة في لعبة شاء القدر على أن لا تكون متكافئة يوما !
إنها أيام خالدة من فترات عابرة كان الزمن فيها غير هذا الزمن و الطقس فيها غير هذا الطقس و كانت الأيام غير هذه الأيام و لعلها كانت للبعض أفضل و لآخرين كانت أسوأ لكنها لم تخلو أبدا من قصص و أحلام و مشاهد و أحداث و هكذا كان لهذا الماضي كلمته لدى البعض و حدد كل الإتجاهات القادمة فوجه دفة السفينة لدى بعضهم حيث أراد و نقلهم بإرادتهم أو رغما عنهم إلى الزمن الآخر حيث لا أحد يملك السيطرة ليتحكم في شيئ حتى في نفسه !