الجمل هو من دون شك هو من الحيوانات التي كانت دوما تلازم الإنسان خاصة منذ العصور القديمة التي لم يكن فيها وسائل النقل المختلفة و التي نشاهدها اليوم فكان الجمل آن ذاك وسيلة الإنسان الرئيسية للتنقل ، عندما يرى الإنسان مظهر و شكل الجمل من بعيد فإنه يجعل منك تطرح أسئلة عديدة حول هذا الحيوان لا بد لك أن تطرحها مثل كيف خلق الله عز و جل هذا الحيوان ؟ و كيف أعطى الله عز و جل للجمل هذا المظهر المميز و المذهل ؟
إن الإنسان إذا رأى حيوان الجمل لا بد له أولا أن يتفكر في هذا المخلوق العجيب و كيف يستطيع هذا الحيوان أن يصبر مثلا على العطش و التنقل و السفر لمسافات طويلة في قلب الصحراء و قساوتها و حرارتها التي لا تطاق ، يوجد في العالم نوعين من الجمل حيث يوجد الجمل ذو السنامين و ينتشر هذا النوع في وسط آسيا أما النوع الثاني فهو الصنف المعروف و المشهور في الثقافة العربية و الإسلامية خاصة و هو الجمل ذو السنام الواحد و يعيش و ينتشر هذا النوع من الجمال في الجزيرة العربية و شمال إفريقيا وصولا للصحراء الكبرى .
إن ما يثير الذهول و التعجب حول حيوان الجمل هو قدرته الفائقة على التحمل و الصبر رغم ظروف الصحراء القاسية حيث يستطيع الجمل تحمل العطش لأوقات طويلة و تعود هذه القدرة الكبيرة على عدم شرب الماء إلى بنية جسم هذا الحيوان و خصائصه الفيزيولوجية خاصة منها قدرة أنسجة جسم هذا الحيوان على تعويض نقص المياه في الجسم حيث يصبح جسم الجمل من خلال هذه الظاهرة البيولوجية يقتصد في إستهلاك المياه بدرجة كبيرة داخل الجسم .
إن كل المخلوقات الحية على هذا الكوكب إذا فقدت نسبة 20 بالمائة من الماء في جسدها فإنها حتما سوف تموت أما الجمل فهو مغاير تماما لكل هذه المخلوقات حيث يستطيع الجمل أن يفقد ثلث ما في جسمه من ماء و لا يصيبه أي ضرر أو سوء و لذلك فإن هذه القدرة الجسدية و السمات البيولوجية للجمل تجعل من روث و براز هذا الحيوان العجيب ذو تركيز عالي من جراء إقتصاد الجسم الكبير لما يحويه الجسم من ماء فلا يضيع بذلك جسم هذا الحيوان أي نسبة من الماء سواءً في الروث أو البول .
يخرج الجمل برازا ذا تركيز عالي و ذلك يعود لخصائص هذا الحيوان الفيزيولوجية مما يجعل روث أو براز هذا الحيوان يستعمله الإنسان مثل الحطب لإشعال النار ، ليست ميزة تحمل العطش لوحدها يمتلكها الجمل بل يمتلك هذا الحيوان عدة ميزات أخرى عحيبة و غريبة يمتاز و ينفرد بها هذا الحيوان مثل قدرة هذا الحيوان على المحافظة على الماء الذي يخرج أثناء عملية التنفس و التي تكون في شكل بخار الماء ، يقوم أنف الجمل بلعب دور المكثف لبخار الماء أثناء عملية التنفس حائلا دون خروج تلك الكميات من الماء و التي تخرج مع البخار .
تكيف الجمل مع مناخ الصحراء القاسي و طعامه النادر و ندرة المياه فيه و جفافه المستمر طيلة فصول السنة و يظهر هذا التأقلم جليا في قدرة هذا الحيوان العجيب على أكل أي شيئ في الصحراء مهما كانت قساوته و صلابته خاصة مع شح الطعام في الصحراء فيستطيع الجمل مثلا في مشهد غاية في الغرابة أن يتغذى على مختلف النباتات الشوكية في الصحراء و لا يبالى بأي مشكلة في مضغها و بلعها و من هضمها حيث صممت معدة هذا الحيوان لهضم كل الأعشاب الشوكية و القاسية . يعيش الجمل ما بين 3 أو 4 عقود كما يمكن للذكر البالغ أن يتجاوز طوله المترين أما سرعة هذا الحيوان فيمكن أن تتجاوز 50 كيلومتر في الساعة .
يمثل سنام الجمل شكلا غريبا آخر و مظهر من مظاهر روعة و إبداع الخالق حيث يقوم هذا السنام بدور حيوي داخل جسم هذا الحيوان حيث يتم في تخزين الدهون و التي تمثل فيما بعد خزانا رئيسيا يمد الجمل بالطاقة التي يحتاجها حي تقل موارد الطاقة، لقد ميز الله سبحانه و تعالى هذا الحيوان العجيب و الغريب الأطوار ليطلق عليه إسم سفينة الصحراء حيث لا يوجد حيوان آخر في أعماق الصحراء يستطيع تحمل نسبة ضئيلة مما يستطيع الجمل تحملها من إنعدام للماء و قلة طعام و سفر طويل لمسافات بعيدة من دون توقف .
لدى الجمل عيون صغيرة صممت خصيصا لحياة الصحراء القاسية فهي أعين صغيرة ذات رموش طويلة تقي بنسة تعتبر جيدة من عواصف الصحراء الرملية و التي لا تنتهي ، يملك الجمل أيضا آذانا صغيرة و كثيفة الشعر مما يحد من دخول الرمال إليها أما الأرجل فهي العلامة الفارقة لدى هذا الحيوان و لذلك يطلق عليه إسم سفينة الصحراء حيث يملك الجمل ما يسمى بالخف الإسفنجي و هو ما يمكنه من السير في الصحراء بكل سهولة و الدوس على الرمال الناعمة دون أن تغرق قدمه أو تتعطل في هذه الرمال الموحلة.
يعتقد كثير من الناس أن سنام الجمل تلك الميزة الجسدية الغريبة هي ذاك المكان الشاسع الذي يخزن فيه الجمل الماء لكن هذه المعلومة الشائعة بين الناس هي معلومة خاطئة ، يستطيع الجمل أن يشرب في مرة واحدة ما يزيد عن 100 لتر من الماء و هذه القدرة الجسدية و البنوية لهذا المخلوق المذهل هي إحدى أهم الأسباب التي تساعد هذا الحيوان على الصبر فيما بعد لأسابيع من دون شرب للمياه وسط حر و لهيب الصحراء الذي لا يرحم .
في الختام فإن الجمل أو الإبل كما أطلق عليها الله عز و جل في كتابه العظيم هي آية أخرى من آيات الخالق خلقها الله سبحانه و تعالى ليتفكر و يتدبر فيها كل إنسان مؤمن بعظمة الخالق و التي تتجلى واضحة و ظاهرة في روعة و إبداع الخلق هكذا هو حيوان الجمل الذي ذكره الله في مواطن عديدة في كتابه العظيم القرآن .
إكتشف العالم يسعى إلى المعلومة المفيدة و البسيطة التي يحاول الجميع إيجادها و مهما كانت المعلومة غريبة أوعجيبة سوف تجدها في عالم الإكتشاف بسيطة و سهلة , إكتشف حولك هو إكتشاف العالم الذي نعيش فيه و لا زلنا لم نكتشف منه حتى قطرة من محيط . الكاتب محمد علي [ عالم الإكتشاف ]