لقد كتبت عن أشياء كثيرة و لكن كتبت أشياء قليلة عن أشجار النخيل فماذا سأكتب الآن؟ إنها آية من آيات السماء وسط صحراء لا تعرف اليأس و لا تعترف به ، إنها رحلة الشتاء و الصيف بين كثبان الرمال. إنها معجزة وسط الصحراء فكيف تستطيع هذه الشجرة مقاومة العطش و قلة الماء و هي تقاوم بضراوة أمواج الرمال الهادرة التي تترامى عليها مثل الجبال.
إنها شجرة الخلود من دون شك وسط الجحيم ، تلك الساق الطويلة تسطر بين طياتها تواريخ و أحداث و شخصيات حيث تمضي الشخصيات و تتلاشى و تبقى هي راسخة في مكانها لا تحركها الأحداث و لا يزحزحها الزمن ، إنها المعجزة التي لا تنتهي إلا بزوال التاريخ. يمر التاريخ و يتغير و تبقى هي شاهدة من شواهد التاريخ حيث تنظر هي لكل جيل يأتي و يمر و هي لا تحرك ساكنا في قلب جحيم الصحراء.
لقد كتبت كثيرا و سئمت كثيرا لكن الشجرة لا تسأم فكلما تحركت نسمات الربيع نحوها إهتزت أغصانها لتقول أنها تستسلم ، إنها مثال رائع في الصمود وسط جحيم الصحراء لكنه أفضل بكثير من جحيم المدينة.