إنها كلمات جديدة في سنة جديدة عن حياة قديمة و عن أمة ذليلة لأنها ليست كلمات عن الحياة كما ذكرنا آنفا و لكنها كلمات عن حسرة و حزن يملأ الآفاق و كان لا بد للعودة و كتابة هذه الكلمات التائهة في بحر من الظلمات و في عالم ملأ الكفر و النفاق كل أركانه.
إنه و في الأصل لا يوجد شيئ جديد فكل شيئ يبدو قديما أو يعود إلى شيئ ما مثلما أوحت الطيور إلى الإنسان بحلم الطيران، إنه و في الأصل لا يوجد شيئ جديد في الحياة إنما هي عبارة عن أيام و ساعات تتكرر و تعيد نفسها من دون أن تسأل أي أحد فهل من سؤال ! هكذا هو زماننا ليس فيه إجابات كثيرة عن أسئلة تدور في خواطر عديدة عن حياة تمر مرّ السحاب و لا يبقى فيها إلا الذنوب التي تأرق صاحبها الضعيف.
إن كل سنة تمر قد توجد بها كلمات جديدة كما قد توجد بها كلمات قديمة و هكذا مثل أي شيئ آخر في الحياة هناك الجديد و هناك القديم حيث هناك ماض و هناك حاضر في سباق محتدم من سباق الحياة الذي لا يتوقف حيث الجميع في حلبة هذا السباق يتسابقون بلا كلل و لا ملل للوصول إلى نهايتهم المحتومة و التي لا هروب منها.
إن كل سنة تمر يخسر فيها الإنسان من عمره المحدود و ليس هناك كلمات جديدة إلا للكاتب ليكتبها هنا و تنسى هناك و حتى يعود لشيئ من توازنه و الذي فقده في فترة سابقة من أجل كلمات قديمة تدور في فلك خاطره الواهم و من هنا فلا بد للنهر أن يواصل التدفق مهما شيدت حوله سدود الأشرار و عقبات الزمن الذي لا يتوقف.
إن كلمة حق تقال قد تفرج عن صاحبها كربة من كرب الزمان الغادر و الذي لا يرحم أحدا في النهاية و كأي سنة جديدة تأتي تأتي معها كلمات أخرى فيها الأحزان و فيها الأفراح و بين هذا و ذاك يتقلب الإنسان مثلما يتقلب مع زوجته في ذلك الفراش الدافئ و في تلك الليلة الطويلة من شتاء آخر سنة و آخر أيام في سنة أخرى تمر و تنقضي هباءً منثورًا في بلاد الظلمة و الرعاع الخونة ؟